أطفالنا والتربية النفسية

السبت، 27 يوليو 2013 التسميات:


أطفالنا والتربية النفسية
 
تؤثر الخلافات بين الأب والأم على النمو النفسي السليم للطفل، ولذلك على الوالدين أن يلتزما بقواعد سلوكية تساعد الطفل على أن ينشأ في توازن نفسي، ومن هذه القواعد:

أولاً: الاتفاق على نهج تربوي موحد بين الوالدين
* إن نمو الأولاد نمواً انفعالياً سليماً وتناغم تكيفهم الاجتماعي يتقرر ولحد بعيد بدرجة اتفاق الوالدين وتوحد أهدافهما في تدبير شؤون أطفالهم. على الوالدين دوماً إعادة تقويم ما يجب أن يتصرفا به حيال سلوك الطفل، ويزيدا من اتصالاتهما ببعضهما خاصة في بعض المواقف السلوكية الحساسة، فالطفل يحتاج إلى قناعة بوجود انسجام وتوافق بين أبويه.

* شعور الطفل بالحب والاهتمام يسهل عملية الاتصال والأخذ بالنصائح التي يسديها الوالدان إليه.
مثال على ذلك الاضطراب الانفعالي الذي يصيب الولد من جراء تضارب مواقف الوالدين من السلوك الذي يبديه:
زكريا عمره أربعة أعوام يعمد إلى استخدام كلمات الرضيع الصغير كلما رغب في شد انتباه والديه، وبخاصة أمه إلى إحدى حاجاته فإذا كان عطشاً فإنه يشير إلى صنبور الماء قائلاً: "أمبو.. أمبو" للدلالة على عطشه.
ترى الأم في هذا السلوك دلالة على الفطنة والذكاء لذا تلجأ إلى إثابته على ذلك، أي تلبي حاجته فتجلب له الماء من ذاك الصنبور.

أما والده فيرى أن الألفاظ التي يستعملها هذا الولد كريهة، فيعمد إلى توبيخه على هذا اللفظ الذي لا يتناسب مع عمره. وهكذا أصبح الطفل واقعاً بين جذب وتنفير، بين الأم الراضية على سلوكه والأب الكاره له ومع مضي الزمن أخذت تظهر على الطفل علامات الاضطراب الانفعالي وعدم الاستقرار على صورة سهولة الإثارة والانفعال والبكاء، وأصبح يتجنب والده ويتخوف منه.

ثانياً: أهمية الاتصال الواضح بين الأبوين والولد
* على الوالدين رسم خطة موحدة لما يرغبان أن يكون عليه سلوك الطفل وتصرفاته.

شجع طفلك بقدر الإمكان للإسهام معك عندما تضع قواعد السلوك الخاصة به أو حين تعديلها، فمن خلال هذه المشاركة يحس الطفل أن عليه أن يحترم ما تم الاتفاق عليه؛ لأنه أسهم في صنع القرار.
على الأبوين عدم وصف الطفل بـ(الطفل السيئ) عندما يخرج عن هذه القواعد ويتحداها، فسلوكه السيئ هو الذي توجه إليه التهمة وليس الطفل، كي لا يحس أنه مرفوض لشخصه مما يؤثر على تكامل نمو شخصيته مستقبلاً وتكيفه الاجتماعي.
مثال على المشاركة في وضع قواعد السلوك: هشام ومحمد طفلان توأمان يحبان أن يتصارعا دوماً في المنزل، وهذه المصارعة كانت مقبولة من قبل الوالدين عندما كانا أصغر سناً (أي: في السنتين من العمر) أما في عمر أربعة أعوام فإن هذا اللعب أضحى مزعجاً بالنسبة للوالدين.

جلس الوالدان مع الطفلين وأخذا يشرحان لهما أن سنهما الآن يمكنهما من أن يفهما القول، ولابد من وجود قواعد سلوكية جديدة تنظم تصرفاتهما وعلاقاتهما ببعضهما.
بادر الولدين بالسؤال: هل يمكننا التصارع في غرفة الجلوس بدلاً من غرفة النوم؟ هنا وافق الأبوان على النظام التالي: المصارعة ممنوعة في أي مكان من المنزل عدا غرفة الجلوس.
* عندما يسن النظام المتفق عليه لابد من تكرار ذكره والتذكير به، بل والطلب من الأطفال أو الطفل بتكراره بصوت مسموع.

كيف تعطى الأوامر الفعالة؟
"أحمد، أرجوك.. اجمع لعبك الملقاة على الأرض وارفعها إلى مكانها".. عندما تخاطب ابنك بهده اللهجة فمعنى ذلك أنها طلب.

أما عندما تقول له: "أحمد، توقف عن رمي الطعام أو تعال إلى هنا وعلق ملابسك التي رميتها على الأرض" فإنك تعطيه أمراً ولا تطلب طلباً.

* يتعين على جميع الآباء إعطاء أوامر أو تعليمات حازمة وواضحة لأطفالهم، وبخاصة الصعبين منهم إزاء سلوكيات فوضوية أو منافية للسلوك الحسن، وليس استجداء الأولاد والتوسل إليهم للكف عنها.

* إذا قررت الأم أن تطبق عقوبة الحجز في غرفة من غرف المنزل لمدة معينة (وهذه عقوبة فعالة في التأديب وتهذيب السلوك) عليها أن تأمر الولد أو البنت بتنفيذ العقوبة فورا وبلا تلكؤ أو تردد. الأمر الذي نعنيه ليس معناه أن تكون عسكرياً تقود أسرتك كما يقود القائد أفراد وحدته العسكرية، وإنما أن تكون حازماً في أسلوبك.

متى تعطى الأوامر للطفل؟
تعطى الأوامر للطفل في الحالتين التاليتين:
1- عندما ترغب أن يكف الطفل عن الاستمرار في سلوك غير مرغوب، وتشعر أنه قد يعصيك إذا ما التمست منه أن يتخلى عنه.
2- إذا وجدت أن على طفلك إظهار سلوك خاص، وتعتقد أنه سيعصيك لو التمست منه هذا إظهار هذا السلوك.

كيف تعطى الأوامر للطفل؟
لنفترض أنك دخلت غرفة الجلوس فوجدت أحمد، ابنك الصعب القيادة، يقفز على مقاعد الجلوس القماشية قفزاً مؤذياً للفراش الذي يغلف هذه المقاعد، وقررت إجبار الولد على الكف عن هذا اللعب التخريبي.

هنا تعطي تعليماتك بالصورة التالية:
1- قطب وجهك واجعل العبوس يعتلي أمارات الوجه.
2- سدد إليه نظرات حادة تعبر عن الغضب والاستياء.
3- ثبت نظرك في عينيه وناده باسمه.
4- أعطه أمراً حازماً صارماً بصوت قاس تقول فيه: "أحمد.. أنت تقفز على المقاعد، وهذا خرق للنظام السائد في البيت.. كف عن هذا السلوك فوراً ولا تقل كلمة واحدة".
5- يجب أن يكون الأمر واضحاً وغير غامض.
مثال: إذا أمرت طفلك بالصيغة التالية: "سميرة تعالي إلى هنا وضعي هذه الألعاب على الرف" فإنها بهذا الأمر الواضح لا عذر لها بالتذرع بأي شيء يمنعها من التنفيذ.
أما لو قلت لها: "لا تتركي الألعاب ملقاة هكذا" فإنها ستتصرف وفق ما يحلو لها عكس مرادك ورغبتك؛ لأن الأمر كان غير واضح.
6- لا تطرح سؤالاً ولا تعط تعليقاً غير مباشر عندما تأمر ابنك أو ابنتك، فلا تقل له: "ليس من المستحسن القفز على المقاعد"، ولا أيضاً "لماذا تقفز على المقاعد؟" لأنه سيرد عليك، وبذلك تعطي لطفلك الفرصة لاختلاق التبريرات، فالقول الحاسم هو أن تأمر طفلك بالكف عن القفز دون إعطاء أي تبرير أو تفسير.
7- إذا تجاهل الطفل أمرك وتمادى في سلوكه المخرب ليعرف إلى أي مدى أنت مصر على تنفيذ أمرك هنا لا يجب عليك اللجوء إلى الضرب أو التهديد لتأكيد إصرارك على أمرك، فمثل رد الفعل هذا قد يعقد الموقف ويزيد عناد الولد وتحديه لك. الحل بسيط نسبياً: ما عليك إلا أن تلجأ إلى حجزه في مكان ما من البيت لمدة معينة.

ثالثاً: الأطفال يحتاجون إلى الانضباط والحب معاً
الانضباط يعني تعليم الطفل السيطرة على ذاته والسلوك الحسن المقبول وطفلك يتعلم احترام ذاته والسيطرة عليها من خلال تلقي الحب والانضباط من جانبك.

لماذا لا يتمكن بعض الآباء من فرض الانضباط على أولادهم؟
يجب أن يكون هناك الوعي الكافي لدى الآباء في الأخذ بالانضباط لتهذيب سلوك أطفالهم وإزالة مقاومتهم حيال ذلك، وهذا يتحقق إذا باشروا برغبة تنبع من داخلهم في تبديل سلوكهم.


0 التعليقات :

إرسال تعليق

 
صحتك © 2010 | تعريب وتطوير : صحتك | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates